منوعات
29.03.23

رمضان فرصة لتطهير القلب

بعد انتظار طويل لشهر رمضان المبارك ولأجوائه الروحانية التي تنعش القلب والروح، يأتي ومعه الأجواء المميزة عن باقي أيام السنة.  فكم هو جميل التخطيط لرمضان بالمشاركة بأعمال تطوعية وتفقد الأرحام، كما يقف الإنسان مع نفسه للحظات لتأمّل وتقييم علاقاته أو خلافاته مع الآخرين، كما هو أيضًا شهر تعبّد وتوطيد العلاقة مع الذات ومع الخالق. كذلك هو يعتبر فترة علاج روحي ونفسي يساعد في تحديد الطاقة وتطهير النفس، من خلال إيماننا بأنّ صيام رمضان هو لله ولأنفسنا.  كما هو فرصة طيبة لتطهير القلب من الأحقاد والنزاعات والقطع والبغيضة، فالقلب لا يطهّر إلّا بالمحبّة.  

 

جميلة هي أجواء رمضان بعيدًا عن أجواء البشر وشاشة التلفاز، بل في رحاب المساجد والساحات فلها طقوس روحانية مميّزة وأجواء وديّة.  يعتبر رمضان فرصة ذهبية لتغذية الجانب الروحي وعمل الخير، كذلك تغذية قلوبنا بالمحبّة عند استمتاعنا بالأجواء الودية في العائلة. 

فقد تنهكنا الحياة وتشغلنا متاعبها وأعمالها بشكل يومي على مدار العام، ليأتي رمضان بأجوائه الهادئة الروحانية، محفّزا للعودة إلى الهدوء النفسي، والتخلّص من التوتر والصخب الذي يملأ رؤوسنا، والتواصل أكثر مع الله.  

يعتبر رمضان كذلك فرصة عظيمة لمصالحة الذات بالإقلاع عن كل سلبي/سيء والإكثار من الخير كما هو فرصة لاستثمار الوقت والتنعّم بالروحانيات، والبعد عن كل ما يسيء لأنفسنا وللآخرين بحجّة الصيام.  

إذْ أنّ هذا الشهر الكريم مدرسة ودورة سنوية يحصل فيها الصائم على الكثير من الفوائد الروحانية والنفسية والاجتماعية والجسدية في ذات الوقت.  إذْ من المهم أن يوجّه الإنسان مقصده بشكل أكبر نحو ذاته وصلة الرحم مع الآخر، ولا ينصرف تفكيره في المقاصد الأخرى التي تحمل مشقّة الصيام.  

الصوم من أفضل الأعمال المستحبة في عديد الثقافات وخاصة الدينية. فهو يساعد على تحسين مستوى التقوى والتأمل في الحياة الدنيا والآخرة. يعيش الإنسان خلال شهر رمضان بروح أخرى هي روح رمضان، حيث يمتنع عن الطعام والشراب والشهوات الزائدة خلال فترة الصيام. وهذا يعمل على تنقية النفس والتخلص من الرغبات الأرضية والشهوات العابرة. كما يشعر الصائم بالراحة والاسترخاء الروحي، ويقضي وقتًا أكثر في الذكر والدعاء، ويتأمل في الحياة والدين والمجتمع. ويصلي في الليل، ويتصدق على الفقراء، ويتجنب الأفكار السلبية والمعنوية الضارة. فالصوم ليس مجرد تقييد للأكل والشرب، بل هو فرصة لتحقيق النمو الروحي والتوازن الداخلي، وتطوير الذات الكاملة. 

إلى جانب أهمية شهر رمضان الروحانية والنفسية فإنّ شهر الصيام قد يكون أفضل وقت للحصول على مجموعة من الفوائد للصحة العامة.  فمن المعروف أنّ للصيام تأثيرًا إيجابيًا على الصحة الجسدية حيث يطهّر الجسم من السموم كما تثبت عديد الدراسات. كذلك فهو مشترك بين العديد من الثقافات وأيضًا الأديان، إذ أنّ شهر رمضان فرصة مثالية لبدأ أسلوب حياة صحّي.  

فعندما يكون الجسم في رحلة الصيام لمدة شهر، فإنّه يقوم بشكل طبيعي بتطهير نظامه من السموم المتراكمة وفرصة عظيمة لتريح الجسم.  إنّ الصيام عدّة فوائد في الصحّة العامة بعيدًا على طابعه الديني، فهو معمول به في أغلب البرامج الشفائية لما له من فوائد تعزّز الصحة الجسدية عامة، ومنها الصحة العقلية فهو يجعل الدماغ أكثر مرونة وقدرة تكيّف ويعزّز صفاء الذهن.  

إذًا فإنّ شهر رمضان فرصة ذهبية لتحسين الصحّة العامة، إذْ يعمل على تعزيز عمل القلب والعقل ودورات الجسم والوزن، ويعزّز التفكّر والتأمّل وتقوية الإرادة والعزيمة، ممّا يُؤثر بشكل إيجابي على مستوى الروح. لذلك فإنّ الصوم طريق نحو القرب من الله وتهذيب النفس وتحسين الصحّة، إذْ يساعد على التحكّم بالنفس ويزيد روحانياته، كما ينقّي الجسم من السموم، ويحسّن من عملية الهضم والتمثيل الغذائي، لأنّ الصوم يمنح الجسم فرصة للراحة وللمداواة، ويتيح الفرصة للنفس للتحمّل والاستغناء. 

لذا فإنّ الصوم يُعدّ من الأعمال الفاضلة التي تنفع الإنسان، ومن خلاله يتيح للإنسان فرصة لرفع روحانياته وتعزيز صحته.  

 

مقالات ذات صلة